كلمات

كل يوم أراني ألتحف التراب ، فأقتني بؤسي كما هي الأشياء صامتة ..

الأحد، 27 نوفمبر 2011

قراءة نقدية تسنيم الحبيب .. آخر الشطآن



قراءة نقدية

تسنيم الحبيب .. آخر الشطآن

الكاتبة | تسنيم

إن الكاتبة بين دفتي كتابها تأخذنا بعيداً في استرسالٍ بلاغي عبر صراعات الحياة كحالة وجودٍ حيث أن القارئ يرمق في كل زاويةٍ  وهجاً في المعنى واللغة ، فالمعنى ممشوق الخطى ، واللغة مزدهرة الخصوبة .

( وأمعن التحديق في شفتيها تسولاً للحقيقة مهما كان أمضها .. ) ، ( أنسج الصور على عيني لألوانها بلون الرفض ) .

إنها تلامس القارئ بكله لتجده حيناً يعانق أحرفها بقلبه ، وحيناً تجده يعانق أحرفها بدمعةٍ ساخنةٍ كأنما هناك اتصالٌ خفي
يربطه بالنص ، ( البرد يجلدني ، كل أوشحة العالم لا تدفئني ، شعري يتساقط لأبدو كميس الخريف ، ومقل يتيمة مصلوبة على
ثمالتي ) ، ( رائحة الأسى تجوب دارك ، لا تبرحها ، خمسون يوماً زحفت بهمهما على  قلبك ، منحية تخطين في
 دربك ، وحيدة ، كلهم تخلى عنك ونسي فيك ذكراه ) ، ( هلا أفقت وغمرتها بحضنك ليسكن وجيبها عند روض قلبك
الأغن ، ويرتوي قلبها من معين
صبرك ..؟ ) .

إن النصوص لديها جاءت متفاوتة الحجم وهذا طبيعي لأنها تعتمد بشكلٍ واسعٍ على الإيحاء عبر تكثيف المفردة البلاغية والصورة الجمالية لتعطي الفكر والحدث الدرامي طراوة تتشربه النفس بكل أريحية .

إنه لمن الجميل أن يتبع الكاتب في نصه الأسلوب البلاغي ولكن الإفراط فيه قد يدخل القارئ في دائرة الصور الجمالية ليبتعد عن الفكرة والتي هي الغاية وهذا من وجهة نظري ما وقعت فيه الكاتبة الفاضلة والذي يرفضه بعض النقاد في النظرية القائلة : إن الكتابة الأدبية هدفها الأساسي والأسمى هي الحالة الجمالية التي تبعثها في ذات القارئ .

إنها تنهج أسلوب الحوار الضمني وهذا من أروع الأساليب ولكن الغموض أحياناً قد يوقع القارئ في الغياب قسراً ليبتعد عن جو النص .
( غربة تضرب أوتادها في خافقي ، وتكفنني بأطنابها الغبناء ، لتغمسني في بحر الحتوف بلا قرار ) .

إن المخزون اللغوي لدى الكاتبة وفيراً جداً وهذا ما نلاحظه في مفرداتها فهي تهتم كثيراً في اختيار الكلمة صاحبة الإيحاء وقد وفقت بدرجة امتياز فاللغة المعجمية لديها صافية كصفاء الروح التي تمتلكها بين جنبيها .

( تنسجين كل المشاهد على أهدابك ، ثم تنسلين بـ ( هدوء ) عندما بسط الدجى سجوفه ، عن هذا الفناء راحلة ) .

إن الكاتبة لها فلسفة في تناول المواضيع حين تعالجها من خلال المنهج الإسلامي لتجعل منه مرجعاً تستند إليه لتغفو مطمئنةً بين دفتيه ، ( تتشرع أبواب المنون ، أرفع عيني للسماء ، له ، أناجيه : " رباه .. لك أسلمهم " ) ، إنها تشير إلى النفس المطمئنة بقضاء الله تعالى فبرغم الأسى الذي يكتنف الحياة | يكتنفها  كأنما تبحروا في التأريخ يوم كان الحسين عليه السلام يمسك بدماء طفله الرضيع ويبعثه إلى السماء قائلاً : إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ، حقاً يا لروعة الضوء وسط الظلام ، ( ابنتك وقفت ترفع كفيها بمحاذاة نحرها ، تسأل الله أن يبث بلسمه في ضلوعك ) ، ( الذي تشبث في لجين جبينك من أثر السجود
المديد .. ) ، ( وتعرفين أن ربك لم يسلمك ، وتتذوقين حنانه الحلو ، فما خاب أبداً من فوض أمره إليه .. ) .

 في رأيي القاصر إن الكاتبة لو أعطت النص قليلاً من البساطة ، قليلاً من التفصيل في مجريات الحدث والفعل الدرامي لكان النص أجمل لحد الثمالة .
  
هي تمتلك احترافية النهاية ، نهاية النص لديها مفتوحة حيث تشرك القارئ معها  ، كل على حسب ثقافته وبيئته .. ، ( وتذكرت أنها كانت تغني دوماً ، لشمس تشرق من بين السحاب ) ، ( لكنني كنت بعيداً هذه المرة .. بعيداً جداً ) ، ( وتزف كوثر عروساً بين التنعاب ) ، ( تعرفين كل ذلك ، حتى وإن كان هذا ..قبل اللرحيل ) ، ( وأنهار من الدمع تجري ) .. .
  
نحن فخورون جداً لوجود كاتبات لهن هذا القدر الكبير من الإبداع والثقافة الإسلامية التي نعتز بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق