كلمات

كل يوم أراني ألتحف التراب ، فأقتني بؤسي كما هي الأشياء صامتة ..

الأحد، 30 سبتمبر 2012

ظمئٌ



ظمئٌ

في صغره كان يعاني من الشح العاطفي ، تسير به الدنيا إلى حيث لا يعلم ، يقلب أفكاره في كل اتجاه ، يمارس أنواع الأشياء جميلةً كانت أم قبيحة ، إيمانيةً كانت أم شيطانية .. بلغ الثامنة عشر ربيعاً ، وضعته الأقدار بين يديه ، توسم فيه الحياة ، ونبضها ، قرأ في عينيه حكاية الإنسان ، تنفس فيه طهر الروح ، ينتظر المساء بشغفٍ يأتي ليوجه طرفه ناحية النور ، يجلس بقربه ، يستمع لقصصه التي لا تخلو من الثقافة ، والفكاهة ، يحس بعقله نشيطاً في حضوره ، يأسره فكره الواعي ، سأله ذات لقاء : من أين لك هذه القصص ؟ . أجابه بابتسامةٍ من حنان : من الكتب ، وصمت .. شرد بذهنه هنيئةً ، استحضر مكتبة والده التي لا يعرف عنها شيئاً سوى شكلها ، وألوانها .. قطع عليه شروده ، وهو يعطيه روايةً أدبية ، وطلب منه قرائتها ، تناولها بكلتا يديه كأنما يعانق حلماً جميلاً فر منه ذات واقع أليم . خرج وفي طريقه راجعاً إلى حجرته التي تحتضنه بعيداً عن ضوضاء القرية ، وعشوائية الأسرة ، استلقى على فراشه ، وأخذ يجول بين صفحات الرواية ، يحدث نفسه : يا ترى أيكون هذا العالم جميلاً ؟ ! ، هل سأجد فيه ذاتي ، وغايتي ؟ ! ، أحس بشوقٍ لأقتحم هذا العالم ، ولكن خائف ، لما أخاف ، لأجرب فلن أخسر شيئاً .. شدته الرواية ، قرأ ، وقرأ ، لم يشعر بأن الدقائق تمضي مهرولةً تلغي الزمان ، والمكان ، استيقظ من هيامه ، فقد أعلن المؤذن بصوته الملكوتي صلاة الفجر ، وضع الرواية جانباً ، وذهب ليسبغ وضوءه . تأمل عينيه في المرآة ، يحاكي ذاته صامتاً ، لتكن نسمات هذا الصباح بداية حياةٍ جديدةٍ لي .. انتهى من صلاته ، وبينما هو جالسٌ على سجادته رفع كفيه يناجي ربه ، ودمع مقلتيه يزرع وجنتيه أملاً .. أطفئ النور ، وضع رأسه فوق وسادته ، يقلب جسده ذات اليمين ، وذات الشمال ، أراد النوم يأتي ، ولكن دون جدوى ، فإن الرواية قد استحوذت على كيانه ، لديه رغبةٌ جارفةٌ ليكملها ، فهي تلامس شغاف حياته كأنما كاتبها يتحدث عنه ، عن معاناته ، عن ظمئه للعاطفة التي فقدها ، عن غيابه في حضوره ، عن أمله في خيبته ، عن حلمه في واقعه ، عن موهبته في الكتابة .. أشعل النور ، وأخذ يقرأ ، ويقرأ .. وضع يده على وجنتيه يداعب ما تبقى من قطرات دمعٍ جففته الكلمات ، وهو يردد آخر جملةٍ في الرواية : فقط كن متفائلاً ، واكتشف ما بداخلك لتكن جميلاً ..

بقلم | جمال الناصر

السبت، 29 سبتمبر 2012

كلي لك


كلي لك

احتويني ، اغرس مسافاتك عبؤ مسافاتي ، اختصر الزمان من نافذة جسدي ...

إليه


إليه

أنام وملئ عبائتي وجع الليالي الحالكات إليه ، إليه يضمني بين ذراعيه فأنا أنثى ترابية ...

شك


شك

هل أنت تحبها ؟ ، هذا ما حدث به نفسه حينما أغلق هاتفه النقال ، سكب ماءً بارداً على وجهه ...

لعب


لعب

أطفال يلعبون ، أنثى تنظر محمرة الخدين تمسح على بطنها برفق ...

ألم


ألم

أشعل سيجارته ، تعمق في اللا شعور ، أغلق جهازه المحمول ، نزلت دمعتان ساخنتان على خديه حين ودعته ...

أنثى تصرخ


أنثى تصرخ

صرخت فجأة ، إلى متى تقهر المرأة العربية وتسلب من حقوقها ..

الغيرة


الغيرة

لا تغاري حبيبتي ، أنا لك وحدك ، ابتسمت هي ...

قبلة


قبلة

لا زالت تتحسس قبلته بين الفينة والأخرى وهي ترتعش ...

لا


لا

لا تقولي أحبك ، أحبك صامتة مع ابتسامة طفيفة الحمرة ...

ابتعدي


ابتعدي

ابتعدي ، لا تظني أهوى فراقك ، إني أحب شوقي لك ..

سأقرأ


سأقرأ

سأقرأ على حضورك أحرفي ، سأروي جرحي ، عشقي ، نبضي ، سأكتب كلي ...

أنت


أنت

جلست تنادي عليه من شرفة دارها ، تبصره في زقزقات العصافير ، تلمس عيناه ، تغرس وجنتيها بعمق وجنتيه ، تقبله ، تناغيه ، كانت معه ذات عشق ، اليوم تبحث عنه ...

أنثى لا تعرف اليأس


أنثى لا تعرف اليأس

قف هناك متسربلاً بالأنا ، قف بعيداً حيث لا ظل ولا نعش ، دع قلبك على قارعة الطريق فليس هو إلا ظل يرافق خطى جسدي ...

الشهيد



الشهيد

في حضوره حيث لا جسدٌ ، لا خطوات تعانق تربها ، قالوا : إن التراب قبرٌ لا يرجع الموتى ، أغمضت عينيها بلذة قلبٍ يعتصر الغياب ، فارق الدنيا شهيداً لأرضه ،بفكره ، بروحه ، فوق الرصيف جسدٌ مهشم

القهوة



القهوة

كعادته صبحاً يرشف فنجان قهوته متصفحاً الأخبار ، تنفرج عبر شفتيه ابتسامةٌ كانت وراء الشمس ..

ضياع



ضياع

أنت ها ضائعٌ بين رفات الكلمات ، لا بوصلة ، لا نجمٌ ، افتح عينيك هناك ضوء ..

كاتب



كاتب

يأتي مع ضوء الشمس حاملاً ثقل أحلامه بين دمعٍ للمساكين ..

فراغ



فراغ

رغم ازدحام الأشياء من حولي هناك فراغ ..

رجاء



رجاء

أصغي لشيء بين عينيك فأفصحي ..

كارثة



كارثة

ضوضاءٌ في القرية تنبأ عن كارثةٍ أيها المثقف ..

فلسطين



فلسطين

جانباً يلقي يراعه ينحني مصغياً لنشرة الأخبار ، الآن تطفو دمعةٌ بحجم الكون ..

البلاك بيري


البلاك بيري 

يقضي أغلب وقته في معانقة البلاك بيري ، لم يكن يعلم ما يخبأه القدر ، في طريق عودته إلى المنزل حيث زوجته وطفلته التي تبلغ عامها الأول تتنتظرانه ، ارتطمت سيارته بحاجزٍ في غفلةٍ .. فقد حياته على إثره ..

ريشة فنان


ريشة فنان 

رسم كتاباً مفتوحاً وبجانبه امرأةٌ تنظر في تأملٍ وهي تبتسم ..

رصاصة


رصاصة 

تجمدت في مقلتيها دمعةٌ ذات فراق .. بين ذكرى الأمسِ ، بين ذكرى الموت الذي اختطفه بغدر رصاصةٍ من سواد ..

شمسٌ جبينك يا مصر


شمسٌ جبينك يا مصر 

بردٌ قارصٌ ، جمعٌ غفيرٌ ملتحفٌ بالأمل ، تحذوه الدماء ، تسكنه الدموع ، عانق الشمس ..

شر البلية يضحك أحياناً



شر البلية يضحك أحياناً

انفرجت ابتسامةٌ على جسد امرأةٍ في شفتيه ، أضلاعها كسرت ، أنفاسها خنقت ، يوم كانت لرجلٍ من حجر ..

الحلم



الحلم 

رأت رجلاً من بعيدٍ يقترب نحوها ، كلما اقترب أكثر أحست بشيءٍ من النار يحرق جسدها ، استيقظت من نومها فزعةً ، هرولت لأمها وهي تتمتم : يا ترى من يكون ذلك الرجل ..

العباءة


العباءة

فوق سجادته دمعةٌ ملثمة العينين تنحدر باتجاه القلب حين قال له : إذا خرجت إحداهما فإن الأخرى لا تخرج ، لديهم عباءةٌ واحدة ..

القرية السمراء


القرية السمراء

في القرية السمراء عاشت مع أسرتها يرتشفون الراحة والهناء  برغم الفقر المدقع الذي جعل القرية تتغنى بالخبز والماء ، فجأةً وبينما الليل يعانق ضوء البصر.. إذ بصوتٍ يخترق

السكون أفزع أهل القرية ، توجهوا ناحية الصوت فوجدوا امرأةً ثكلى وبحضنها شاباً في مقتبل العمر قد فارق الحياة .

لن أنسى


لن أنسى

أتنسى أيها القلب أنفاسه حين كنا في المكان والزمان .. أتنسى حين طفلي مزق الصمت منتفضاً يجتاز أسوار الظلام .. أتنسى حين قال : يا صاحبي ، من كان مع الله كان الله معه .

الغياب


الغياب

قام في ليلةٍ ظلماء يصلي ، ينادي دمعةً تسربت من مقلتيه خلسةً لتسكن في جسده المسجى فوق خاصرة الغياب ..

العدسة الواحدة



العدسة الواحدة

أغلق التلفاز بعنف اللحظة .. ، يصفق كفاً بكف ، يحدق في اللاشيء ، اقتربت منه بحنانٍ أنثوي ، هو الإعلام عدسةٌ واحدةٌ يعلوها الغبار ..

موت البنفسج


موت البنفسج

بين خيوط الشمس ذابلةٌ حيث لا ماءٌ يلامس حبات التراب ..

فجأةً :

يسقط وجهكِ

قطعاً ورقيةً تحت أرصفتي

نبضكِ


نبضكِ

أجل ..
طهرني نبضكِ حين يكون وجعاً
غير وجه الكون

من أقوال جدتي

من أقوال جدتي  

يا ولدي سيأتي يومٌ يدخل الفيل بحجمه الكبير في ثقب الباب وتجلس النملة على مائدةٍ تزينها الفواكه والخضروات ..


لغة الفراق



الطفل يبكي ، يبحث عن والده الذي غاب مع الغياب ، هل كان يفهم لغة الفراق ؟ . ، هل كان يفهم وهو الذي منذ ولادته لم يبصر وجهه يوماً ؟ .
أين أنت ؟ . ، أبحث عنك في دفاتري وبين أحرفي ، أين أنت ؟ . ، هذا طفلك في حضني أبصره ، أقبله ، أعانقه ، أتراك تسمع نبضه ، أتراك تضع الآن يدك على قلبك لتختصر المسافات ، أنا جسدٌ أنت فيه فانحني ، انحني وعانقه ..

الذاكرة




في الغرفة السوداء ذاكرةٌ تسكن الجسد ، تأتي مع الريح عاصفةٌ ، الماء هنا ، الشمس هنا ، الأم والزوجة والأطفال كلٌ هنا ، مهلا ، لا أبصر شيئاً سوى ذاكرةٍ تسكن الجسد ..

شموخ



شموخ

أدثر وجعي في وجعي لأرسم خيطاً مستقيماً على ورقةٍ بيضاء وفي الناحية اليمنى منه أرسم شجرةً ذات ثمارٍ متدليةٍ كشعر امرأةٍ ثم في الناحية اليسرى أرسم نهراً يقف أمامه طفلٌ ينظر إلى الأمام ..

الولد النحس


الولد النحس 


في ليلةٍ من منتصف الشهر ولد الطفل ، في ليلةٍ من منتصف الشهر ذاته نشب حريقٌ في القرية راح ضحيته بعضٌ من أهل القرية فوسم الأهالي الطفل بالفأل الشؤم إلى درجةٍ جعلهم ينسبون كل سوءٍ يقع لهم يكون هو السبب ، هذا الطفل الذي يتمتع بجمالٍ يوسفي وابتسامةٍ رقراقةٍ كلما هزته فاطمةٌ أخته الوسطى .. 
كبر الطفل وأصبح شاباً وقد تخرج من الجامعة وبدأ نشاطه الاجتماع في إصلاح القرية ..

الوسادة


الوسادة

وسادتي لا زالت تأكل من جسدي حنيناً ، لا زالت تحملني لدنيا كنت يوماً أراهق في تحطيمها ، نسيانها .. ، أتكون يا جسدي كبش فداءٍ لأوهامٍ هي السراب بعينه .. 

غيمة

غيمة

في غمرة السكون المزدحم بالضجيج جلس مذهولاً مما يرى ، رأى غيمةً سوداء تنبأ عن عاصفةٍ ، توجه مسرعاً إلى أمه يلوذ بقلبها كطفلٍ لعل الطمأنينة الخضراء تلقى فراغاً في ذاته ، تربت على خديه بكل ألوان الحنان ، رفع رأسه والبسمة تعلو شفتيه .. 

الزهرة الذابلة

الزهرة الذابلة 

تناول الماء من يدها قائلاً : " ما بكِ " ؟ .، أجابته : " إن الزهرة التي كنت لها بمثابة الأم الرؤم قد ذبلت " . ، اعتصر قلبه فجاءت الذاكرة السوداء حضوراً يلهب الدمعة قائلاً : " لنزرع واحدةً أخرى ، بين غمرة الصمت سألته : " لما غبت عن الدار كل هذا الوقت " ؟ . ، أجابها في غيابٍ للوعي : " لقد كنت هناك ، هناك حيث لا وقت .. " 

حجاب السكرتيرة


قراءة نقدية

حجاب السكرتيرة
الكاتبة | خولة القزويني

تتناول الكاتبة في هذه القصة موضوعاً له من الأهمية الكثير حيث إن المجتمع يرقى إذا التُزم به وينحدر للهاوية إذا تُرك .. ، ألا هو الحجاب .
إن الكاتبة ومن خلال هذه الأحرف النور نجدها تدعو الأنثى إلى الالتزام بالحجاب عبر قالبٍ دراميٍ  واضعةً في عمقه ثقافةٌ نحتاج إلى استجلائها لذا سأقف على بعض المواضع في هذه القصة محاولاً بحجمي الصغير أن أمزج أحرفي بأحرفها و فكري بفكرها لعل أحرفي الظمئ  ترشف الماء بين أحرفها ..

·        حجـاب السكرتيـرة !

همسة : لا تحكم على ما تعلم ( مثل روسي ) .

تبدأ القصة بهمسةٍ وهي مثلاً روسياً هو : لا تحكم على ما تعلم .
إن هذه الهمسة تحمل في مضمونها إشارةَ ترتبط بالفكرة المراد إيصالها إلى القارئ  ليقوم بعملية الاستنتاج حتى تثبت الفكرة في عقله وذاته ..

·        شهد السكرتيرة  :

في دهاليز مؤسسة النجاح التجارية يتردد اسماً كالسكر حلاوة نقاءً ، ( شهد ) فراشة ربيعية استوى عودها كغصن البان ، صوتها المنعش ينتشر في الأثير المحبوس بين المكاتب فينتفض الروتين .
يتلفت الموظفون من وراء القواطع الشفافة إلى مشيتها الاقتحامية حينما تدّق الأرض بحوافرها المدببة فيتأجج فيهم نشاطاً غير عادياً .

إنها تعطي القارئ في بداية القصة صورةٌ عن البطلة ( شهد ) وما لها من التأثير المباشر في المؤسسة على الموظفين من ناحية الحضور المفعم بالنشاط والحيوية في أداء العمل .. ، ( عبدالله  خذ هذا الملف لتراجع الحسابات ) ، ( الاجتماع في الساعة العاشرة ، أرجو عدم التأخير ) ، ومن ناحية الحضور الجسدي الملفت كأنثى جميلةٍ ترتدي ثياباً تبرز مفاتنها .. (ثوبها ينحسر حتى مكامن أنوثتها ، كم هي وقحة ! ) ، ( لا أجد في ساقيها جمالاً يستحق كل هذا العرض الباذخ ) ، إذاً ( شهد ) امرأةٌ متحررةُ لا تهتم بالحجاب الإسلامي مع كونها تعيش في مجتمعٍ عربيٍ إسلاميٍ ، هذا سؤال يطرح نفسه على القارئ ليبرز في سماء فكره ، وربما أرادته الكاتبة أن يكون ..

إنه لمن طبيعة الحال أن تثير شخصيةٌ كهذه ما حولها سلباً أو إيجاباً وهذا ما كان ..

( وتخلّف وراءها عاصفة من النميمة ، نظرات الدهشة المنحدرة في الإسفاف جعلتها طُعماً لأفواهٍ شرهةٍ ، تغمز إحدى الموظفات فور أن تدبر :
- وتتشفى زميلتها :
- وبرد استفزازي مقصود يعبّر أحدهم :
- لكنها مدهشة.
صفعته الموظفة بنظرة سخط :
- بل رخيصة تعرض مفاتنها بابتذال .
- وفي سياق الحقد النسوي توافقها أخرى :
- ولهذا عرفت كيف تستميل المدير .
- اعترض أحدهم فترك المكتب غاضباً :
- أعوذ بالله منكم ، صارت الأعراض مضغةٌ في أفواهكم ) .

هنا تشتد الأحداث تفاعلاً لتأخذ الكاتبة القارئ إلى التعرف على نماذج من العقول والأفكار .. إنها  تلامس الواقع .. .

( تأخذ ( شهد ) مكانها في المكتب بآلية من تناغمت مع الأجهزة الإلكترونية الصماء ، متوافقة مع المكان، تشكل لوحة عمل من الطراز الرأسمالي، منجزة إلى درجة أن تتعطل حواسها الأنثوية في كبسة زر ، التناقض الذي لم تستوعبه بيئة ذات ثقافة سطحية، اتخذوها لقمة سائغة تُقرض غيباً بمقراض الحقد والحسد.
لم يفهموا الابتذال كقرار مسبوق بنية شريرة تدفع الإنسان إلى ممارسة فنون من الاستهتار الأخلاقي ، فهم حينما يقتربون من شهد يفاجئهم متراساً من الصلب والحديد، هذه الدمية الأزهرية ذات الملمس الحريري والطلة المغناج ، يفرز جسدها اللدن قشرة صلبة كحالة دفاعية ) .

إنها تفسح المجال للقارئ ليتعمق أكثر في شخصية ( شهد ) ليرى بأن عدم ارتداء شهد الحجاب لم يكن الدافع وراءه البحث عن الرذيلة في جذب الآخر وإنما هو العيش في بلاد الغرب والتأثر بثقافته ليظهر ذلك على مظهرها  ( أمها إنجليزية ) .
  
( رغب فيها مديرها الكهل فعاث يغويها في الخلوات بالهدايا والعطايا لكنها تنزلق من بين أصابعه كالماء وتتبخر ، مترفّعة ، عصيّة على الرجال والمراهنات الغبية ، قوضت أحلام التماسيح الساذجة فأعادتهم إلى أرحام أمهاتهم أجنة ) .

·        المرأة سلعة :

إنها توجه القارئ للثقافة الشيطانية لدى البعض وكيف ينظرون إلى الأنثى بكونها سلعةً يجتهدون في احتوائها لإشباع غريزتهم حاملين على عواتقهم تلك الخطط الشيطانية ( لم تخبرني يا (حسن) عن غزالة بهذا الجمال  ) ، (  بصراحة إنها تدير الرأس فعلاً وحتماً سأدمن على زيارتك ) ، ( معقول ؟ ! ، معقول يا حسن تستعصي عليك فتاة بهذا الحجم ) ؟ ! ، (تجهّمت (شهد) فوضعت الملف على المكتب وردت الباب ثائرة ) ،
( إنها جهنم الحمراء ، لا يتجرأ مخلوقاً على الاقتراب من حصونها المنيعة ) .

( أطلق العنان لعينيه الوقحتين تبحلقان في مساحاتها البكر، فاختلج صوته انفعالاً :

- إذن لما ترتدين الثياب الفاضحة ؟

أجفلت وعيناها تجحظان في ذعر :

- فاضحة ؟ ! ، هل تعتبر أناقتي فضيحة ؟ !

 اختل توازنه :

- إنك تعذبيني بجمالك .

وحاول أن يسيطر على ارتباكه :

-  ثيابك مثيرة ..  ، لا تُحتمل .

نهرته بلطمةٍ على خده :

- أيها الوقح .. ، احترم سنك واحترمني .

خرجت وهي تحاول أن تتجلد في مظهرها وتفتعل السكون ) .

إنها تشير إلى النظرة الدونية للرجل اتجاه الأنثى حيث أنه يقبرها في زاويةٍ ظلماء لا نور فيها ليلهو ويمرح كما يشتهي .
·        فلسفة الحجاب :

( هذه الزهرة المتوحدة في خصوصيتها تفجر لغماً ينسف الظنون السيئة والهواجس الخبيثة، فالهمس يستشري كالنار في الهشيم، ( تحجبت ! ) ، تتناقل الألسن خبر حجابها في ذهول واستدراك :
- ( تحجبت )  ؟ ! .

 التحفة المرمرية مغطاة بثياب سود ، يتداولون الحدث بشيء من التأويل والتخمين .

زميلتها إيناس تسأل في توجس :

- هل تحجبتِ عن قناعة ؟

طبعاً ، فقد أقنعني خطيبي بالحجاب وأدركت في النهاية أنه درع يحصن المرأة ويدفع عنها الأذى ) .

إنها تشير إلى فلسفة الحجاب بكونه يحصن الأنثى من الذئاب البشرية ويجعلها جوهرةً لا يرمقها من لا يستحق وصولاً إلى كونه يمثل أماناً اجتماعياً في البيئة الاجتماعية لكل مجتمعٍ سواء كان إسلامياً أم غير إسلامي .

·        احترام الخصوصية :

 ( لا أسمح لأحد أن يتدخل في حياتي ، لكني مضطرة أن أكشف لكِ الأمر ، فلقد تربيت بعد وفاة أبي في
( لندن ) وفي بيئة مختلفة تماماً عن بيئتكم ، ولم أكن على علم ودراية بفلسفة الحجاب حتى خطبني ابن عمي وعلّمني وأدبني واقتنعت وتحجبت ، والله يهدي من يشاء ) .


احترام خصوصية الآخر قيمةٌ إنسانيةٌ حيث نجدها هنا تتجه للطرف الآخر لتكون فضوليةً لا تحترم المسافة .. ، وهذا الفضول منتشراً في المجتمع العربي لوجود الفراغ الثقافي والروحي الذي نعاني منه في كل الأصعدة .

( كنت أظنك يا إيناس أكثر إنسان يفهمني في المؤسسة لأنكِ طوال اليوم تعملين معي وشاهدة على سلوكي وتصرفاتي ، فهل بدر مني ما يخدش الحياء أو يسيء للأدب ) ؟ ! .

إنها تشير إلى أن الإنسان في وجوده يحتاج إلى من يفهمه ويكون له ظلاً يلجئ إليه من لظى الشمس
 الحارقة ، يقول الشهيد مرتضى المطهري : إن الإنسان الرسالي يحتاج إلى إنسانٍ رساليٍ مثله .

( قطع حديثهما دخول المدير ( حسن ) ، أجفل فور أن وقعت عيناه على خمار ( شهد )  الأسود :

- ما هذا يا حاجة شهد ؟ ! .

رمقته بنظرة احتقار مشوبة بثقة واعتزاز بالنفس :

- الدرع الذي يصد العيون النهمة .

احمرّ وجهه وشمله اضطراب شديد، لكنه استجمع إرادته وأطلق قراره :

- هذه الثياب لا تصلح لسكرتيرتي الخاصة ، فأرجو أن تتركي المؤسسة وتبحثي عن مكان آخر ) .

- ألقت شهد الأوراق من يديها وسحبت الكرسي قائلة في كبرياء  :

- وأنا على أتم الاستعداد لترك العمل .

وكتبت من فورها قرار الاستقالة دون تفكير أو تردد ثم خرجت إلى الشارع تلتقط أنفاسها :

- الحمد لله أن وفقني ربي إلى هذا القرار ) .

إن الكاتبة في نهاية القصة قد استخدمت أسلوباً كلاسيكياً لا يحتوي على حرارةٍ انفعاليةٍ تشعل وجدان وعقل القارئ وقد كانت المعالجة الدرامية لموضوع الحجاب كما يفعل ( الحكواتي ) في سرد الأحداث إلا أنها في بعض مجريات الأحداث قد استخدمت أسلوباً بلاغياً ذو جذوةٍ وجدانيةٍ تجذب القارئ وهذا ما نراه في بداية القصة إلا أن أحرفها قد تراخت نوعاً ما .

إن الكاتبة قد وضعت السبب الذي جعل شهد ترتدي الحجاب وهو خطيبها الذي أقنعها بفلسفة الحجاب فاقتنعت وارتدته .

إنه السبب ربما كان سبباً تقليدياً والذي جعل الكاتبة تلجئ إليه ربما الاستعجال المفرط لإنهاء القصة ، تمنيت أن تسهب الكاتبة في عملية اقتناع شهد بالحجاب عبر خطيبها لتعطي القارئ شيئاً من المنطقية الواضحة بدل المنطقية الغير واضحة المعالم ليتفاعل عقله ووجدانه مع الأحداث ، وإذا أردنا أن ننصف الكاتبة ولا نبخسها حقها نقول : ربما الكاتبة أرادت أن تشرك القارئ معها في مسألة اقتناع شهد عبر خطيبها ليغمض القارئ عينيه وينسج هو الحوار الذي كان بينهما بلغته وفكره .. ، إضافةً إلى أن الكاتبة قالت على لسان شهد بأنها قد عرفت فلسفة الحجاب فلو تطرقت الكاتبة قليلاً بذكر بعضها ليتعرف القارئ على تلك الفلسفة خصوصاً أن قراء الكاتبة الفاضلة كثر ممن يؤمن بالحجاب وممن لا يؤمن به والكاتبة لا يعوزها الأسلوب والفعل الدرامي فهي أدبيةٌ كبيرةٌ ..  
في نهاية هذه القراءة أرجو من الكاتبة الفاضلة أن تتقبل هذا النقد الفضولي خصوصاً أنها تحمل بين جنبيها روحاً صافيةً تتسع للرأي الآخر وإن كان نقداً مصبوغاً بالفضول .

الألم


الألم 

يقول أحد الحكاء ذات وعي: من لا يعرف الألم يسخر منه ، ومن يعرفه يتعذب.
ما أجمله من قول يختصر المسافات بكينونة الوعي ، حقا من يعش بلا مسؤولية ، بلا إحساس ، يسخر من الألم ، وذلك لكونه فاقد كل معطيات الإنسانية ، عبثي الخطى ..
أما الذي يعانق الإنسانية حيث يعيشها واقعا فإنه يتعذب بالألم ، يتعذب لأنه لا يحب الظلم ، يتعذب لأنه لا يحب الفوضى ، يتعذب لأنه لا يحب السواد الذي يكتنف الوجوه في هذه الدنيا ، أصبحنا نكره بعضنا البعض ، أمسينا نظلم بعضنا البعض ..
للألم فلسفته الخاصة التي لا يعرفها سوى الرائعون ، سوى الرجال من هم يمتلكون قلوبا ملؤها الصفاء ..
من يسخر من الألم لفظا أو سلوكا سيرمى خارج الدائرة ليستقر في مزبلة التأريخ ، وحدهم فقط المعذبون من يصنعون الأمل ، فقط تأمل في الألم وافتح قلبك وروحك له ، لتكن الأجمل ..

الواتس آب


الواتس آب



لا يخفى على الجميع هذا البرنامج الذي دخل الأماكن العامة ، والخاصة ، وتناول شتى المجلات دون استثناء .
إن له فوائد كثيرة إن استخدم بما يتوافق مع العقل والوعي .
إنه مما يبعث على القلق والغثيان ما هو حادث من الكثير اللذين اقتحموا هذا المسار بلا وعي ، وأحيانا بلا عقل ، إنهم كالزئبق يدور حول ذاته فتجدهم كما يقول من يعي ، ويعقل : إنهم يتقنون عملية "نسخ ، لصق" ، وهذه العملية لها من السلبيات الشيء الكثير ، خصوصا في هذه الأيام وما تمر به العقلية العربية ، والشارع العربي ، والأسرة العربية .. ، من اضطرابات ، وثقافات ، وصعوبات تربوية .. ، لذا ينبغي التنبه والحذر فقد تنشر خبرا كاذبا يكون له أثرا سلبيا لا تفطن له أنت يقع على غيرك ، وقد تنقل 'برودكاست" ، عن مناسبة دينية لغتها لا تحترم المناسبة من التهريج المبطن مثلا: كانت في ملاية أحضرت عاملا ليضع لها الدش فسألها: على أي قمر أضعه لك ، فأجابت: ضعه على قمر بني هاشم ، هل تعتقد حين ترسل هكذا "برودكاست" ، أنك لم تسيء إلى صاحب المناسبة ، وقد ترسل شيئا مخلا بالأخلاق والآداب الإسلامة عن طريق المزاح والمداعبة ، حينها ربما تفسد شخصا وتجرفه إلى الإنحراف ، بقصد أو بدونه ..
الواتس آب وباء في يدي من لا يعقل ، ولا يعي ، فقط كن عاقلا ، وكن واعيا ، ليكون الواتس آب نعمة بين يديك ، لا نقمة ..