حكاية فاطمة
مد يده ليأخذ جهازه المحمول بعد أن لاعب طفلته بضع دقائق في ملاطفة لزوجته التي ضاق صدرها من تصرفاته التي طالما نعتتها بالصبيانية تارة وبالمراهقة تارة أخرى .
لعنت وفاء الفيس بوك بأعماقها فلقد صير حياتها جحيماً أشبه ما تكون بالمجسمات التي لا روح فيها ولا رائحة . يقضي أبو فاطمة جل يومه على جهازه المحمول إن كان في شقته مع أسرته أوعندما يذهب إلى الأصدقاء يأخذه معه ، ينصهر عبر الشبكة العنكبوتية ، تعرف على الكثير من النساء ، يقضي معهن فكره وروحه وما يخالجه من أهواء شيطانية بينما وفاء تقضي يومها مع طفلتها وحيدتين . كان يوماً عصيباً ، مرضت فاطمة واحتارت الأم في أمرها فكلما طلبت زوجها على الهاتف المحمول لا ترى جواباً فاشتد بها الغضب صارخة في اللا شيء ، لا تدري ما تفعل وهي ترى فلذة كبدها مسجاة على الأرض ، هرعت إلى جارتها سميرة تطرق الباب بعنف ، فتحت سميرة الباب وهي مذهولة ، أخبرتها وفاء بأن فاطمة مريضة ودرجة حرارتها مرتفعة ، توجهتا إلى حيث فاطمة ، ضمتها سميرة إلى صدرها وعلى الفورعادت إلى شقتها لتوقظ زوجها من نومه. عاد زوج وفاء إلى شقته فوجدها خالية فرمى بجسده على الأريكة دون أن يكلف نفسه عناء السؤال عنهما . جلست وفاء مع جارتها سميرة إلى جانب الصغيرة تنتظران حتى ينتهي " الجلوكوز " ، بعد أن انخفضت درجة حرارتها . نظرت وفاء إلى جارتها سميرة نظرة فيها كل الود والحنان معتذرةلها فقرصتها سميرة على خدها الأيمن قائلة : نحن أختان الحمد لله على سلامة فاطمة ، انتبهي لها كثيراً ، برقة دمعة بين مقلتي وفاء . استيقظ أبو فاطمة من نومه متثاقلاً فتجول في الشقة فلم يجد زوجته ولا طفلته فأخذ الهاتف المحمول وهاتف زوجته فلم ترد عليه ،" شبك " عن طريق الهاتف المحمول بالإنترنت وبالتحديد على موقع الفيس بوك وما هي إلا ساعة حتى وصلت وفاء مع ابنتها لتجد زوجها يتحدث مع إحدى صديقاته في الفيس بوك ، صعقت ، ارتجفت يداها اللتان تضمان فاطمة ، هي الآن تسمعه يسكبها بكلمات غرامية كانت تشبهها ، كانت ذات يوم من ممتلكاتها الخاصة ، لم تتمالك نفسها ، انقضت عليه كالأسد تعريه من كل شيء له علاقة بالإنسانية ، الإنسانية التي لم يعرفها أو يلامسها لحظة في حياته ، احتد الكلام بينهما وكل منهما قد أخذ منه الغضب مأخذه ، رمى الهاتف المحمول من يده ووقف أمامها يهذي بعبارات نابية ، ارتعبت فرائصها وتسرب الخوف إلى كل جسدها مما جعلها تصمت لبرهة من الوقت وسرعان ما انقضت عليه مرة أخرى بعبارات لا تدري كيف خرجت من فمها ، كانت في وضع هستيري ، لم يتمالك نفسه فرفع يده وصفعها صفعة قوية أدت إلى سقوط فاطمة الطفلة المريضة من يدها على الأرض . هرعت الأم نحو ابنتها وهي تصرخ وتنادي فاطمة ، حبيبتي ، احتضنتها بقوة ، بدأت تتحسس شفتيها الذابلتين فوجدتها قد فارقت الحياة لتصرخ وتصرخ بأعلى صوتها لاطمة وجهها وصدرها بلاوعي وإدراك مما أدى إلى هرع الجارة سميرة مع زوجها ليروا فاطمة مسجاة بحضن أمها كأنما هي " فاطمة " أرادت أن تكون في العالم الآخر رافضة أن تعيش في هكذا أسرة لاعلاقة لها بالسماء . |
كلمات
كل يوم أراني ألتحف التراب ، فأقتني بؤسي كما هي الأشياء صامتة ..
الخميس، 19 يناير 2012
حكاية فاطمة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق