قِراءِةٌ نَقْدِيَّةٌ " رَجُلٌ تَكْتُبُهُ الْشَّمْسُ "
كَعَادَتِهَا
فِيْ كِتَابَةِ الْرِّوَايَةِ تُثَبِتُ بِمَا لَا شَكَّ فِيْهِ إِلَىَ أَنْ
الْمَرْأَةُ قَادِرِةً عَلَىَ الْإِبْدَاعِ مُكَسَّرَةٍ بِذَلِكَ مَا
تَوَارَثَتْهُ الْأَجْيَالِ الْثَّقَافِيّةُ بِمَا يُسَمَّىْ الْفُحُولَةِ فِيْ
الْكِتَابَةِ الْإِبْدَاعِيَّةِ لِتَقْتَحَمْ عَالَمِهِ فَلَا تَخْضَعْ
لِلْحُدُودِ الْجُغْرَافِيَّةُ وَالْمَكَانِيَّةُ لِتَنْطَلِقُ مِنْ الْإِنْسَانِ
وَإِلَىَ الْإِنْسَانِ تَضَعُ قِيْثَارَةِ مِنْ بَنَفْسَجٍ الْجَوْهَرِ
الْإِنْسَانِيِّ .
تَقُوْلُ
: " أَكْتُبُ دَوْمَا مِنْ دُوْنِ تَحْدِيْدِ جُغْرَافِيَّا الْمَكَانِ
" .
إِنَّهَا
عَصْرِيَّةِ الْمَوْقِفِ وَالْقَضِيَّةِ لَيْسَتْ مُنْفَصِلَةً عَنِ الْأَحْدَاثِ
وَهَذَا جَلِيٌّ بِكُلِّ وُضُوْحٍ لِلْقَارِئِ الْوَاعِيَ الَّذِيْ يَقْرَأُ مَا
بَيْنَ الْسُطُورِ وَيَخْتَرِقُ الْشَّخْصِيَّةِ فِيْ رُؤْيَتِهَا
الْإِبْدَاعِيَّةِ وَالْثَّقَافِّيَّةْ .
تَقُوْلُ
: " أَحْدَاثِ الْعَصْرِ اسْتَفَزَّتْنِي مَنْ الْأَعْمَاقِ ، تَرَكْتُ فِيْ
دَاخِلِيَّ كَوْمَا هَائِلَا مِنْ الْأَفْكَارِ الْسَّجِيْنَةِ ، أَكَادُ
أَشْبَهَهَا فِيْ قَلْعَةِ مُحَاصَرَةِ تَنْظُرُ الْزَّمَنِ الْخُرَافِيِّ يُفَكُّ
حِصَارِهَا الْمَنْكُوبِ لِتَنْطَلِقَ عَصَافِيْرَهَا فِيْ عَتْمَةِ الْزَّمَنِ
" .
هِيَ
" خَوْلَةَ الْقَزْوِينِيُّ " الَّتِيْ لَا تَخْضَعُ قَلَّمَهَا إِلَىَ
مُتِاهْاتّ الْأُسْلُوبِ الْمُعَقَّدَ إِنَّمَا تَمْضِيَ بِهِ بِانْسِيَابِيَّةْ
وَاقِعِيَّةٍ لَا انْفِعَالِيَةٍ وَلَا جُمَالِيَّةِ مُتَقَعَرةً الْحُرُوْفْ
كَمَا نَجِدْهَا فِيْ بَعْضِ الْأَقْلامُ لَدَىَّ بَعْضٍ الِرُوَائِيِّينَ
الْغامَضِينَ .
الْفِكْرَةِ
لَدَيْهَا وَاضِحَةٌ ، الهَدَفِيّةً لَدَيْهَا وَاضِحَةٌ ، الْشَّخْصِيَّاتُ
لَدَيْهَا وَاضِحَةٌ .
تَقُوْلُ
: " وَمِنْ هُنَا أَتَجَاوَزْ الْعَنَاصِرُ الْفَنِّيَّةِ الَّتِيْ تُحِدُّ
هَذَا الْسِّرْبِ الانْفَعَالِيّ الْمُحْتَدِمَ مَعَ الْوَاقِعِ الْثَّقَافِيّ ،
يُحْفَرُ فِيْ رِوَايَتِيْ وَقُصَصِي تَجْرِبَةٍ الْإِنْسَانَ بِانْسِيَابِيَّةْ
مُطْلَقَةٌ دُوْنِ افْتِعَالِ وَتُكَلِّفُ ، وَتُغَيِّبُنِي لَحْظَةِ الْدَّهْشَةِ
وَأَنَا أَتَعَايَشُ بِشُخُوصِ رِوَايَاتِيْ بِحَالَةِ مَنْ الْانْسِجَامِ الْجَمِيْلَ
الَّذِيْ يَدْفَعُ قَلَمِيْ إِلَىَ الْبَوْحِ بِتِلْقَائِيَّةِ وَشَفَافِيَةُ
" .
إِنَّ
الْكَاتِبَ الَّذِيْ يَمْتَلِكُ فَنّ الْتَعَايُشِ مَعَ شُخُوْصٌ رِوَايَتَهُ
قَبْلَ كِتَابَتِهَا وَأَثْنَاءَ كِتَابَتِهَا وَمَا بَعْدَ كِتَابَتِهَا هُوَ
الْكَاتِبُ الَّمُبَدَّعِ بِحَيْثُ أَنَّهُ يَعِيْشُ الْلَّحْظَةِ بِكُلِّ
تَفَاصِيْلَهَا مُنْغَمِسَةً فِيْ رُوْحِهِ وَذَاتِهِ لِذَا فَإِنَّهُ الْقَارِئُ
سَيَعِيْشُ بِرُوْحِهِ وَفِكْرُهُ ذَاتِ الْلَّحْظَةِ بَلْ رُبَّمَا هَذِهِ
الْشُّخُوْصِ تَأْخُذُ حَيَّزَا كَبِيْرَا جِدّا فِيْ حَيَاتِهِ يَقُوْلُ
جُبْرَانْ خَلِيْلْ جُبْرَانُ " إِذَا سَمِعْتَ فَكَتَبْتُ فَأَنْتَ رُبْعِ
كَاتِبٌ وَإِذَا رَأَيْتَ فَكَتَبْتُ فَإِنَّكَ نِصْفُ كَاتِبٌ وَإِذَا شَعَرْتِ
وَأَحْسَسْتُ فَأَنْتَ الْكَاتِبُ كُلِّهِ " .
فِيْ
رِوَايَةِ " تَرْنِيْمَةُ عِيْدِ الْمِيلَادِ " لتشَارْلّزّ دِيَكِنْزُ
الَّذِيْ يُعْتَبَرُ قِمّةُ مِنْ قِمَمٍ الْأَدَبِ الْإِنْجِلِيْزِيُّ فِيْ هَذِهِ
الْقِصَّةِ الَّتِيْ تُصَوِّرُ ابْنِ عَزِيْزٌ مِنْ عَجُوزٍ مُتَذَمِّرٌ شَحِيْحٌ
إِلَىَ شَخْصٍ كَرِيْمٌ دَافِئٍ الْقَلْبِ بِحَيْثُ دَخَلَتْ كَلِمَةُ "
سُكرُّوّجَ " مُنْذُ ذَلِكَ الْحَيَنِ فِيْ الْلُّغَةِ الْإِنْجِلِيْزِيَّةِ
كَمُصْطَلَحٍ يَصِفُ الْبَخِيْلُ نَاهِيْكَ عَنْ الْمُجْتَمَعَ .
هِيَ
تَنْظُرُ إِلَىَ أَنْ الْكَاتِبُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ بُذُوْرَ
الإِيْمَانِ مِنْ خِلَالِ كِتَابَاتِهِ الَّتِيْ هِيَ مُتَرَادِفَةً مَعَ
الْبَقَاءِ .
تَقُوْلُ
: " فَقَلَّمَ الْكَاتِبُ إِنَّ لَمْ يُوَجِّهْ نَحْوَ الْتَكَامُل خَيْرٌ
لَهُ لَهُ أَنْ يُلْقِيَهُ فِيْ مَحْرَقَةِ النِّفَايَاتِ " .
هِيَ
تَعِيَ خُطُوْرَةُ الْقْلُمَ وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ مِنْ مَجَازِرَ نَفْسِيَّةٌ
وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَوَوَ .
تَقُوْلُ
: " فَقَدْ كَثُرَ فِيْ زَمَنِ الثَّرْثَرَةُ الْكِتَابِ ، وَلَكِنّ مَا
أَقَلَّهُمُ عِنَدَمّا يُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْمَبْدَأِ وَالْمَعَاشِ " .
تَقُوْلُ
: " لَوْ أَدْرَكُوَا أَنَّ الْقَلَمَ كَانَ أَشْبَهَ بِسِلَاحٍ
يَتَقَلَّدُهُ الْمُحَارِبِ فِيْ مَيْدَانِ الْحَقِيقَةِ لِمَا سَقَطَ الْعَالَمِ
مَذْبُوْحَا عَلَىَ بَرَكَةِ شَقَاءِ " .
رَجُلٌ
تَكْتُبُهُ الْشَّمْسُ إِنَّهُ عُنْوَانُ هَذِهِ الْرِّوَايَةِ الَّتِيْ نَحْنُ
بِصَدَدِ دِرَاسَتِهَا ، الْعُنْوَانِ لَهُ عُدَّةً دَلَالَاتِ وَمِنْ هَذِهِ
الْدَّلَالَاتِ أَنَّهُ الْرَّجُلُ " الْإِنْسَانَ " تَكْتُبُهُ
الْشَّمْسُ حَيْثُ أَنَّ الْشَّمْسَ كَمَا هُوَ مَعْرُوْفٌ وَسَيْلَةٌ مِنْ
وَسَائِلِ الْتَّطْهِيْرِ لِلْنَّجَاسَاتِ فَهِيَ " الْشَّمْسِ "
تُرْجَعُ الْرَّجُلُ " الْإِنْسَانَ " إِلَىَ إِنْسَانِيَّتِهِ عَبْرَ
صِيَاغَتِهَا لَهُ بِأَشِعَّتِهَا كَمَا أَنَّهَا مَصْدَرُ مِنْ مَصَادِرِ
الْحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ إِذَّا هِيَ " الْشَّمْسِ " تَكْتُبُهُ
" الْرَّجُلُ " لِيَكُوْنَ حَيَاةَ كَمَا أَرَادَ لَهُ الْلَّهْ سُبْحَانَهُ
وَتَعَالَىْ . رِوَايَةِ " رَجُلٌ تَكْتُبُهُ الْشَّمْسُ " تُعْتَبَرُ
طَفْرَةٌ فِيْ كِتَابَةِ الْرِّوَايَةِ عِنْدَ " خَوْلَةَ الْقَزْوِينِيُّ
" مِنْ خِلَالِ نُضُوْجَ أَدَوَاتِهَا الْمُسْتَخْدَمَةِ مِنْ حَيْثُ
الْمُفْرَدَةِ الْفَصِيحَةِ الْبَعِيْدَةِ كُلِّ الْبُعْد عَنْ الْتَّعْقِيْدِ
وَالْرَّمْزِيَّةُ الْمَمْقُوتَةِ وَأَيْضَا الْأُسْلُوبِ الْسَّرْدِيُّ
الْمُفْعَمَ بِالشّذرّاتِ الْبَلَاغِيَّةِ وَالْتَّرْكِيْبُ الْجَمَالِيِّ ذُوْ
الْمَعْنَىْ الْعَمِيقْ الْمَلِامِسُ لِلْوَاقِعِ .
إِنَّهَا
تَبْتَعِدُ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ فِيْ الْوَعْظِ حَيْثُ أَنَّهَا تُسْتَخْدَمَ
أُسْلُوْبِ " إِيَّاكَ أَعِنِّيْ وَاسْمَعِيْ يَا جَارَّةُ " وَقَدْ
أَثْبَتَتْ الْدِّرَاسَاتِ بِأَنَّ هَذَا الْأُسْلُوبِ مِنْ أَفْضَلِ
الْأَسَالِيْبُ مِنْ حَيْثُ تُقْبِلُ الْطَّرْفَ الْآَخِرِ لَهُ وَهَذَا مَا
صَرّحَتْ بِهِ الْكَاتِبَةُ نَفْسُهَا فِيْ إِحْدَىَ الْلِّقَاءَاتِ عَبْرَ
الْشَّبَكَةِ الْعَنْكَبُوْتِيَّةِ فِيْ مَوْقِعِ دُرُوْبِ حَيْثُ وَجّهَ لَهَا
الْسُّؤَالِ الْتَّالِيَ : بِرَأْيِكَ إِلَىَ أَيِّ مَدَىْ يُمْكِنْ أَنْ
يَسْتَوْعِبَ الْهَيْكَلِ الْفَنِّيّ لِلْرِّوَايَةِ الْمَضَامِيْنِ
الْوَعْظِيَّةُ وَالْإِرْشَادِيَّةِ كَمَا فِيْ رِوَايَاتُكَ ؟ الْمَضَامِيْنِ
يُمْكِنُ تَحْرِيْكِهَا بِشَكْلٍ فَنِّيٍّ ، لِأَنَّ عَقْلِيَّةٌ الْبِشْرِ لَا
تُتَقَبَّلُ الْوَعْظِ الْمُبَاشِرُ وَالْوَعْظِ كَانَ أَكْثَرَ وُضُوْحَ عَمَّا
هُوَ الْآَنَ فِيْ بِدَايَاتِي ، أَمَّا الْآَنَ فَقَدْ نَضِجَتْ أَدَوَاتِيّ
وَاسْتَحَالَتْ إِلَىَ سَلِيْقَةٍ وَمَلَكَةً ، وَاعْتُبِرَتْ رُوَايَتِيْ
الَّتِيْ أَعَدَّهَا أَجْمَلْ مَا كَتَبْتُ " رَجُلٌ تَكْتُبُهُ الْشَّمْسُ
" طَفْرَةٌ فِيْ خَطِّيّ الْرُوَائِيِّ . لِهَذَا فَإِنَّنَا نَرَىْ أَنَّهَا
قَدْ وُضِعَتِ إِشَارَاتٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ وَثَقَافِيَّةٍ وّوّ تَنَمِ عَنْ عُمْقِ
الْتَّجْرِبَةِ وَعُنْفُوَانِهَا ونُضُوْجَهَا لَدَىَّ الْكَاتِبَةُ مِنْ خِلَالِ
بَعْضِ الصِيَاغَاتِ وَسَوْفَ نُوْرِدُ بَعْضُهَا وَنَتَعَمَّقْ فِيْهَا لَاحِقَا
فِيْ هَذِهِ الْدِّرَاسَةِ .
هِيَ
فِيْ رَوَايَتِهِا اتَّجَهَتْ نَحْوَ الْتَّفَاصِيْلِ أَوْ الْوَصْفِ الْدَّقِيْقِ
وَهَذَا مَا جَعَلَ بَعْضَ الْقُرَّاءِ يَأْخُذُوْنَ عَلَىَ الْرِّوَايَةِ
بِأَنَّهَا تَبْعَثُ عَلَىَ الْمِلَلِ لِكَثْرَةِ هَذِهِ الْتَّفَاصِيْلِ .
إِنْ
الْرِّوَايَةِ تَحْتَاجُ أَحْيَانَا لِذِكْرِ بَعْضِ الْتَّفَاصِيْلِ وَهَذَا
يَعْتَمِدُ عَلَىَ الْأَحْدَاثِ الْوَارِدَةُ فِيْهَا وَلَكِنَّهُ إِذَا
اسْتُخْدِمَ الْكَاتِبُ الْتَّفَاصِيْلِ بِشَكْلٍ سَلْبِيّ فَهَذَا قَدْ يُؤَدِّيَ
إِلَىَ الْمَلَلِ وَلِذَا فَإِنَّ الْكَاتِبَ يَحْتَاجُ إِلَىَ الْخِبْرَةِ
الْكَافِيَةً فِيْ كَيْفِيَّةِ اقْتِنَاصِ الْمُوَاطِنُ الَّتِيْ تَحْتَاجُ إِلَىَ
شَيْءٍ مِنْ الْتَّفَاصِيْلِ إِذَا الْسُّؤَالُ الَّذِيْ يُطْرَحُ نَفْسِهِ وَهُوَ
هَلْ أَنَّ الْكَاتِبَةُ قَدْ اسْتَخْدَمْتَ هَذِهِ الْتَّفَاصِيْلِ فِيْ
مَكَانِهَا الْمُنَاسِبِ أَمْ لَا ؟ .
إِنَّهَا
بِهَذِهِ الْتَّفْصِيْلِ عَبْرَ مُجْرَيَاتِ الْأّحْدَاث قَدْ جَعَلْتُ مِنَ
الْشَّخْصِيَّاتُ أَكْثَرَ انْفِعَالِيَةٍ مَعَ الْحَدَثِ وَالْتَّصَوُّرِ الْدَّرِامِيُّ
نَاهِيْكَ عَنْ كَوْنِهَا اسْتَطَاعَتْ بِبَرَاعَةِ وَخِبْرَةٍ أَنْ تَبْتَعِدَ
مَسَافَاتِ عَنْ مِنْطَقَةِ الْسَّرْدِ الْكِلَاسِيْكِيِّ الْمُؤَدِّيَ
بِالْضَّرُوْرَةِ لِلْمَلَلِ وَالْبُرُوْدُ فِيْ وَقْعِ الْأَحْدَاثِ
وَمُجْرَيَاتِ الْحِوَارْ بَيْنَ الْشَّخْصِيَّاتُ عَنْ طَرِيْقِ عَجَنَهَا
بِالصِيَاغَاتِ الْبَلَاغِيَّةِ . الْلُّغَةِ تَرَاكِيْبَ الْجُمَّلِ
وَالصِّيَاغَاتِ الْبَلَاغِيَّةِ إِنَّ الْكَاتِبَةُ تَتَحَدَّثُ فِيْ
رَوَايَتِهِا بِضَمِيْرٍ " هُوَ " وَهَذَا مَا نَرَاهَ فِيْ بِدَايَةِ
رِوَايَتِهَا لِيُبْحِرَ الْقَارِئِ فِيْ عَالَمِ الْرِّوَايَةِ وَيَتَعَايَشُ
مَعَ الْحِوَارْ وَيَنْغَمِسُ مَعَ الْشَّخْصِيَّاتُ حَيْثُ أَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ
الَّتِيْ يُرَادُ لَهَا أَنْ تَكُوْنَ مِنَ وِجْهَةٍ نَظَرَ الْكَاتِبَةُ لِمَا
تَضِجُّ بِهَا الْرِّوَايَةِ سَيَكُوْنُ لَهَا الْوَقْعَ الْمُفْعَمَ لِأَنَّ
الْقَارِئُ سَوْفَ لَا يُفْقَدُ الْاتِّصَالِ مَعَ الْرِّوَايَةِ لِتَكُوْنَ
الْرِّوَايَةِ هُوَ وَهُوَ الرِّوَايَةُ . فِيْ هَدَّهُ الْرِّوَايَةِ نَرَىْ أَنْ
الْكَاتِبَةُ قَدْ اسْتَخْدَمْتَ الْكَثِيْرِ مِنْ الصِيَاغَاتِ الْبَلَاغِيَّةِ
ذَاتِ إِشَارَاتٌ ثَقَافِيَّةٌ تَجْعَلْ الْقَارِئُ يَتلمِسِهَا بِجْماليْتِهُ
الشَّفَّافَةِ وَعَقْلِهِ الْثَّقَافِيّ وَسَنَذْكُرُ الْبَعْضُ مِنْهَا مَعَ
الْتَّعْلِيْقِ عَلَىَ بَعْضِهَا وَمِنْ هَذِهِ الصِيَاغَاتِ الْآتِيَ :
تَقُوْلُ
: " يَبْدُوَ أَنَّ أَعَزُّ رَغْبَةِ عِنْدَ الْفَنَّانِينَ بُطُوْنِهِمْ
" .
"
لَا تَدْرِيْ الْسِّرِّ الْمَكْنُوْنِ فِيْ هَذَا الْطَّبَقَ ، وَلَكَ الْحَقُّ
لِأَنَّكَ اعْتَدْتُ مِثْلُ هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَعَايَشْتُ الْوَضْعِ فَفَقَدَ
قِيْمَتُهُ وَتَأْثِيْرِهِ فِيْ نَفْسِكَ بِحُكْمِ الْأُلْفَةِ " .
إِنَّ
الْعَادَةُ تَجْعَلْ مِنْ الْأَشْيَاءِ بِلَا رَائِحَةُ وَلَا طَعْمٍ وَهَذَا مَا
نَرَاهَ فِيْ الْطَّبَقِ الَّذِيْ تُعِدُّهُ " ثَرِيّا " بِأَنْفَاسِهَا
، أَنْفَاسُ أَمْ تُعَانِقُ الْحَنَانْ فِيْ كُلِّ شَيْءٍ .
"
تَبْلُغَ الْشُّوُرَبَةِ رَوْعَتِهَا لِأَنَّهَا مُحَمَّلَةً بِطَاقَةْ حَبَّ ،
بِإِشْعَاعٍ وَدَّ تَضَخُّهُ أَصَابِعِ أَمْ حَنُوُنٌ " .
هَذَا
الْطَّبَقَ مِنْ الْشُّوُرَبَةِ الَّتِيْ امْتَزَجَ بِحَنَانٍ " ثَرِيّا
" لَهُ طَعْمٌ إِلَهِيْ الْنَّكْهَةَ وَهَذَا مَا نَرَاهُ مُتَجَلِّيَا
عِنْدَ فُؤَادُ الَّذِيْ عَاشَ فِيْ وَسَطِ مِلْئِهِ الْبَطَر ، فِيْ مُجْتَمَعٍ
الْحِسَابَاتِ وَالْأَرْقَامِ .
"
إِذَّا لِمَ لَا تَتَعَلَّمْ أَنْ تُنَسِّقَ حَيَاتِكَ الْمُضْطَرِبَةُ وَتُنْسَجُ
لأَحْلامِكِ ثَوْبَا جَدِيْدَا " .
تَقَدَّمَ
الْكَاتِبَةُ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَعَلَىَ لِسَانِ الْشَّخْصِيَّةِ
بِطَاقَةُ دَعْوَةَ لِلْقَارِئِ لِيَنْسِجَ لَهُ ثَوْبَا جَدِيْدَا فِيْ
عَمَلِيَّةِ لِتَغْيِيرِ وَاقِعِهِ الْمُضْطَرِبُ ، لِتَغْيِيرِ حَيَاتِهِ لَمّا
يَجْعَلُهَا حَيَاةً قُرْآنِيَّةِ الْمَسْلَكَ وَالْرُّوْحُ لِيَعِيْشَ كَمَا
أَرَادَ لَهُ الْلَّهْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ إِنْسَانٍ مُطْمَئِنٌّ .
"
شَيْءَ مَا فِيْ ذَاتِكَ يُشْعِرُكَ أَنَّ ثُمَّةَ ضَيَاعِ فِيْكَ ، اتَرُكْ
الْأَيَّامِ تُصادفُكَ بِحَقِيْقَةِ هُوِيَّتِكَ " .
هَذَا وَاقِعٌ
لَدَىَّ الْإِنْسَانِ ، حَقّا إِنَّ ثَمْةَ ضَيَاعِ يُشْعِرُهُ بِاضْطِرَابِ
بَاحِثْا عَنْ حَقِيْقَتِهِ فِيْ خِضَمِ هَذَا الْعَبَثِ الْدُّنْيَوِيِّ بِكُلِّ
تَفَاصِيْلِهِ .
"
حِيْنَمَا تَسْتَرْجِعُ الذَّاكِرَةِ يَوْمِيَّاتِهَا فِيْ زَمَنٍ مَا يُصْبِحُ
لَهَا وَقْعَا غَرِيْبَا فِيْ الْنَّفْسِ أَشْبَهَ بِرِوَايَةِ مُثِيْرَةٍ تَظَلُّ
فِيْ شُخُوْصَهَا مُتَأَثِّرِينَ حَتَّىَ بَعْدَ اسْتِكْمَالِ قِرَاءَتِهَا "
.
تُمْزَجُ
الْكَاتِبَةُ مَا بَيْنَ شُخُوْصٌ الْرِّوَايَةِ وَالذَّاكِرَةْ حَيْثُ أَنَّ
هَذَا الِامْتِزَاجُ لَهُ مُبَرِّرَ فَإِنَّ الْذَّاكِرَةَ عَبْرَ اسْتِرْجَاعُهَا
تَقُوْمُ بِانْفَعَالِيّةً الْرُّوْحَ وَالْعَقْلَ كَمَا تَبْعَثُهُ شُخُوْصٌ
الْرِّوَايَةِ الْقُرَيْبَةَ مِنْ ذَاتِ الْإِنْسَانِ .
"
أَنَا مُمْتَنَّةٌ لِكِ يَا فُؤَادِ فَقَدْ انْتَشَلْتَنِي مِنْ هَذَا الْوَحْلُ
وَالَّدُّوْنِيَّةُ وتَوَجَتَنِيّ امْرَأَةٌ ذَاتُ كَيْانَ وَشَخْصِيَّةٌ ،
الْآَنَ أَشْعُرُ بِطُمَأْنِيْنَةِ عَجِيْبَةٌ حُوِّلَتْ كُلِّ مَا تَبْعَثَرْ
فِيْ مِنْ كَرَامَةٍ إِلَىَ وَحْدَةِ ذَائِبَةً فِيْكَ لَهَا مِنْ الْخُصُوْصِيَّةِ
الْمُرَيْحَةِ " .
إِنْ
الْرِّوَايَةِ تَتَنَاوَلُ قَضِيَّةٌ التَّعَايُشِ بَيْنَ الْشَرْقِ وَالْغَرْبِ
كَتُوَافِقَ حَضَارَّتَينَ الْحَضَارَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
وَالْحَضَارَةُ الْغَرْبِيَّةُ وَمَا شَخْصِيَّةٌ جَانّيَيتُ \ جَمِيْلَةٌ
الَّتِيْ جَاءَتْ بِهَا الْكَاتِبَةُ إِلَا نَمُوْذَجٌ عَلَىَ هَذَا التَّوَافُقِ
وَتَقَبَّلْ الْمُجْتَمَعِ الْغَرْبِيِّ إِلَىَ الْإِسْلَامِ لِكَوْنِ
الْإِسْلَامِ يَتَوَافَقَ مَعَ الْطَبِيْعَة الْبَشَرِيَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ .
إِنَّ
الْكَاتِبَةُ تُنْقَلُ عِبْرَ شَخْصِيَّةٌ جَانّيَيتُ \ جَمِيْلَةٌ حَالَةُ
الْتَّحَوُّلِ إِلَىَ الْإِسْلَامِ وَمَا يَبْعَثَهُ مِنَ الْطُّمَأْنِيْنَةِ
بِذَاتِ الْإِنْسَانَ بِالْإِضَافَةٍ إِلَىَ مَا يُعَانِيْهِ الْإِنْسَانَ
الَّذِيْ لَا يُعَانِقُ الْإِسْلامُ فِيْ حَيَاتِهِ مِنْ ضَيَاعِ وَإِهْدَارِ
لِلْكَرَامَةِ .
"
لِقُصُوْرِ الْأَثْرِيَاءِ رَائِحَةُ بَارِدَةً تَدْفَعُكَ إِلَىَ الانْزِوَاءَ
فِيْ رُكْنِ أَوْ الْتَّدَثُّرِ بِلِحَافٍ بَارِدٌ " .
هِيَ
" الْكَاتِبَةُ " وَمِنْ خِلَالِ انْدِمَاجُهَا فِيْ الْمُجْتَمَعِ
تَرَىَ بِأَنْ هَذِهِ الْقُصُورِ بَعِيْدَةً كُلَّ الْبُعْدِ عَنِ الْدِّفْءِ
الْأُسَرِيَّ ، عَنْ الْحَنَانْ مِمَّا يَدْفَعُكَ إِلَىَ الانْزِوَاءَ وَهَذَا
وَاقِعٌ نَرَاهُ وَيَرَاهُ الْآَخَرُوْنَ إِذَا أَرَادُوْا أَنْ يَنْظُرُوَا
بِعَيْنِ الْلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ .
"
تِلْكَ الْعَيْنَيْنْ الرَقَرَاقَتَينَ بِلَوْنِ الْسَمَاءْ مَخْلُوْطَا
بِخُضْرَةِ كَعُشْبِ عُشْبٌ ارْتَوَى تَوَّا مِنْ مُزْنَةٍ حَنّانُ ، أَحْلَىْ مَا
فِيْهَا إِصْغَاءَهَا الْمُرِيح وَهِيَ تُسْنَدُ رَأْسِهَا عَلَىَ كَتِفِهِ ،
تُجَالِسْهُ بِأَرْيَحِيَّةٌ أُنْثَىْ تَنْسَابُ كَالْمَاءِ الْرَّقْرَاقِ فِيْ
الْمُنْحَدَرَاتِ الْعَطْشَانَةْ فَتُطْرِيُّهَا " .
"
كُلِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ تَحَدِّيَهُ إِلَا الْزْمِنْ " .
"
أَحَبَّ هَذِهِ الْزُّهُوْرِ كَثِيْرا ، إِنَّهَا تُشْبِهُنِيْ فِيْ كَثِيْرٍ مِنْ
الْأَشْيَاءِ .. " .
"
مِنَ الْصَّعْبِ التَّوَافُقِ مَعَ طَاقَتَينَ مُتَضَادَتَينَ " .
"
لَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَوَافَقُ امْرَأَةً عَاطِفِيَّةٍ مُرْهَفَةُ الْحِسِّ
وَالْشُّعُوْرَ مَعَ رَجُلٍ مُبَرْمَجْ كَالكَمبُيوُتّرِ ، لُغَتِهِ مَحْسُوْبَة
بِالْأَرْقَامِ ، يَسْخَرْ مِنْ احْتِيَاجَاتِ الْرُّوْحِ وَالْقَلْبِ
وَيَظُنُّهَا أَحْلَامْ الْفَاشِلَيْنِ " .
فِيْ
وَسَطِ هَذَا الْعَالَمِ الْإِلِكْتُرُوْنِيَّ ، عَالِمُ الْكَمَبْيُوُتَرّ ،
تَضَعُنَا هِيَ " الْكَاتِبَةُ " أَمَامَ مُنْزَلَقٌ اجْتِمَاعِيٌّ قَدْ
أَخَذَ أَوْجُهٍ فِيْ هَذَا الْعَصْرِ بِحَيْثُ أَنَّ الْأُسْرَةَ أَصْبَحَتْ
تَنْسَلِخْ مِنْ الْعَاطِفَةِ وَالْأَرْيَحِيَّةٌ فَإِذَا الْزَّوْجِ كَانَ مِنْ
الْمُبَرْمَجِينَ كَالكَمبُيوُتّرِ لَا يُؤْمِنُ إِلَّا بِحِسَابِ الْأَرْقَامُ وَ
يَسْخَرُ مِنْ احْتِيَاجَاتِ الْرُّوْحِ وَيَرَىْ بِأَنَّهُ لَا مَكَانَ لَهَا
إِلَا فِيْ نَوَادِيَ الْفَاشِلَيْنِ حِيْنَهَا يَرَىَ الْفِسْقِ وَالْفُجُورِ
طَرِيْقَا مُعَبَّدَا بِحُجَّةٍ الْبَحْثُ عَنِ الِعِاطِفِةِ وَالْحَنَانْ
الْمَفْقُوْدِ عِنْدَ هَكَذَا أَسْرِ رُبَّانُهَا هَكَذَا مُبَرْمَجْ .
"
ارْتَدَّتْ فِيْ تِلْكَ الْأُمْسِيَّةِ ثَوْبَا فَضَفَاضَا عَلَىَ طِرَازِ
أَنْدَلُسِيِّ تَسْحَبُ أَذْيَالِهِ الْحَرِيْرِيَّةَ الْمُوَشَّاةِ بِخُيُوْطِ
ذَهَبِيَّةٌ ، تَعْتَمِرَ قُبَّعَةُ حَمْرَاءَ مَغْرُوْسَ فِيْ طَرْفِهَا رِيْشَةُ
طَاوُوْسٍ مُقْتَنَاةٍ بِقَصْدِ الدَّهْشَةَ وَالْإِبَهَارٍ ، تَوْلِيْفَةٌ
جَمَالِ جَعَلْتَهَا مَثَارَ هَمْهَمَةٌ وَتَنَدُّرٍ " .
"
وَسَكَنَ هَاشِمٍ فِيْ رُوْحٍ شَاعِرِيَّتِهَا وَنَبْضُ رِقَّتَها ، تَأَسِرُهُ
فِيْ شِبَّاكْ غُنْجِهَا الْفُطْرِيَّ يَنْسَىْ ذَاتِهِ ، يَسْتَسْلِمُ لِدِفْءِ
حَنَانُهَا كَظَامِئٍ قِطَعُ فِيْ سَفَرِهِ الْمَسَافَاتِ الْمُرْهَقَةْ
لتُبَاغَتِهُ وَاحَةُ مُخْضَرَّةً بِالْعُشْبِ وَالْمِاءِ " .
"
الْأَقْدَارِ ظَالِمَةٌ أَحْيَانَا تَهَبْ لِبَعْضٍ كُلُّ الْنَّعِيمِ ،
وَتَمْنَعُ عَنْ الْبَعْضِ الْآَخَرِ حَتَّىَ الْفُتَاتِ مِنْهُ " .
هَذَا
وَاقِعٌ مَعَاشِ وَيَلْمُسُهُ الْكَثِيْرُوْنَ حَيْثُ أَنَّهُ لَا تُوْجَدُ
عَدَالَةُ ، رُبَّمَا يَظُنُّ الْبَعْضُ أَنَّ عَدَمَ الْعَدَالَةِ هِيَ مِنْ
عِنْدِ الَلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىْ ، إِنَّ عَدَمِ الْعَدَالَةِ جَاءَتْ
مِنْ سُوَءٍ الْتَّوْزِيعِ وَغُيَّابُ الِالْتِزَامِ بِالتَّشْرِيْعِ
الْإِسْلامِيِّ فِيْ مُجْتَمَعِنَا الَّذِيْ يَدِيْنُ بِالْإِسْلامِ وَقَدْ جَاءَ
فِيْ الْتَأْرِيْخِ عَنْ أَمِيْرِ الْإِنْسَانِيَّةِ الْإِمَامِ عَلَيَّ عَلَيْهِ
الْسَّلَامُ أَنَّهُ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ مَرَّ بِرَجُلٍ يَتَأَلَّمَ مِنْ شِدَّةِ
الْجُوْعِ وَآَخِرُ يَتَأَلَّمَ مِنْ شِدَّةِ الْشِّبَعِ ، مَاتَ الْآَخَرُ مِنَ
الْأَلَمِ فَرَجَعَ إِلَىَ الْأَوَّلِ فَوَجَدَهُ قَدْ فَارَقَ الْحَيَاةَ فَقَالَ
عَلَيْهِ الْسَّلَامُ : لَوْ أَعْطَىَ الْرَّجُلُ الُثَّانِي " الَّذِيْ
يَتَأَلَّمُ مِنْ الْشِّبَعِ " الْرَّجُلُ الْأَوَّلُ " الَّذِيْ
يَتَأَلَّمُ مِنْ الْجُوْعِ " لَعَاشَ الاثْنَانِ .
"
قَدْ لَا يَأْكُلُ الْإِنْسَانُ مَا يَسُدُّ حَاجَتَهُ لَكِنَّهُ يَرْتَدِيَ مَا
يَعْجَبُ الْنَّاسِ " .
تُحَاوِلُ
" الْكَاتِبَةُ " أَنَّ تُشِيْرُ إِلَىَ وُجُوْدِ عَدَمِ
الْمَنْطِقِيَّةِ لَدَىَّ الْبَعْضِ مِنَ الْنَّاسِ وَقَدْ تَكُوْنُ
الْأَكْثَرِيَّةِ خُصُوْصَا عِنْدَ الْنِّسَاءِ .
"
تَثُوْرُ ثَائِرَة الْأُمُّ فَتَلَطّمْ وَجْهِهَا وَهِيَ أَشْبَهُ بِعُصْفُورٍ
يَنْتَفِضُ مِنْ الْبَرْدِ " .
"
هِيَ أَطْيَافِ قَوْسٌ قُزَحْ بِجْمَالِيَاتِ الْطَّبِيْعَةِ الْمُتَقَلِّبَةٌ
بِفُصُولِهَا الْأَرْبَعَةِ " .
"
كَانَ بَيْتِهِمَا الْصَّغِيْرِ أَشْبَهَ بِلَوْحَةٍ فَنَّانْ قَدْ اخْتُزِنَ
كُلِّ الْعِشْقُ إِحْسَاسْا لِتَذْرِفَهُ أَلْوَانَا تَتَعَانَقُ وَتَتَدَاخَلُ
بِمَزَاجٍ مُتَعَطِّشٌ إِلَىَ الْاحْتِضَانِ .. " .
"
مَسْحَةِ اقْتِضَابِ كَسَبَتْ وَجْهِهَا الَّذِيْ ارْتَوَى فَبَدَا كَعُنْقُودِ
الْعِنَبِ طَفَحَتْ مِنْهُ نَدَاوَةِ الْسُكَّرْ " .
"
فَقَدْ وَجَدْتُ أَنَّ بَعْضَ الْأَعْمَالِ هِيَ مِنْ صَمِيْمِ وَاجِبَاتِيَ
كَقَضِيَّةٍ الْمُسْلِمَاتِ الْمُحَجَّبَاتٍ وَوَضَعَهُمْ الْبَائِسَ ،
حَاجَتِهِنَّ إِلَىَ مَوْقِفِ دِّفَاعِيْ يُعَيِّدُ لَهُنَّ كَرَامَتِهِنَّ"
.
هِيَ
" الْكَاتِبَةُ " أَرَادَتْ أَنْ تُشِيْرَ لِمَا تُعَانِيْهِ
الْمُسْلِمَاتِ الْمُتَحَجِّبَاتٍ فِيْ الدُّوَلِ الْغَرْبِيَّةٍ وَالْعَلْمَانِيَّةُ
مَنْ وَضَعَ بَائِسٌ تُجَاهَ مُمَارَسَتِهِمْ تَعَالِيْمَ دِيْنَهُمْ
لِيَذْبَحَنَّ بِكُلِّ عُنْجُهِيَّةٍ ، إِنَّهَا " الْكَاتِبَةُ "
تَرَىَ بِأَنْ هَذِهِ الْمُمَارَسَاتِ تُعَدُّ بِمَثَابَةِ هُتِكَ
لِكَرَامَتِهِنَّ لَدَىَّ تَدْعُوَ إِلَىَ الْدِّفَاعِ عَنْ هَذِهِ الْكَرَامَةِ
الْمَهْدُورَةِ فِيْ دُوَلِ لَا تَعْرِفُ لِلْحُرِّيَّةِ وَاحْتِرَامْ الْآَخِرِ
سَبِيْلا .
"
لَمْ يَتَرَاجَعَ وَكَأَنَّ عَلَىَ أُذُنَيْهِ وَقْرا " .
"
وَالْكُلُّ هُنَا يَشْتَهِرُ مُخَالِبِهِ ليَفتَرُسَّنِيّ بَعْدَ أَنْ هُجِّرَتْ
دِيْنِيْ " .
"
مَنْ يُصَدِّقُ أَنَّ هَذِهِ جَانّيَيتُ يَوْمَا ، قَرَّرْتُ أَنْ تَشُقَّ
طَرِيْقِهَا لِوَحْدِهَا بِقُوَّةٍ وَإِصْرَارِ ، الضَّعِيْفَةِ ، الْقِطَّةِ
الْأَلِيفَةُ الَّتِيْ مَا لَبِثَتْ أَنْ اسْتَأْسَدَتْ فَيَّ مُجْتَمَعَ صَاخِبٌ
وَجَّهْتُ لَهُ حِرَابُهَا الْنَّارِيَّةِ غَيْرَ مُبَالِيَةٍ بِالْعَوَاقِبِ
" .
"
تَذَكَّرْتُ مِنْ بَيْنِ الْوُجُوهِ وَجْهِ ( الْشَّيْخُ عِزُّ الْدِّيْنِ )
إِمَامٍ الْمَسْجِدِ الَّذِيْ أَسْلَمْتُ عَلَىَ يَدَيْهِ وَارْتَدَتْ الْحِجَابِ
بِفَضْلِ تَشْجِيْعِهِ وَتَوْجِيْهُهُ ، فَرَّتْ إِلَيْهِ مُنْهَارَةٍ مِنْ
شِدَّةِ الْحُزْنِ لَعَلَّهَا تُجْدِ فِيْهِ الْمَلَاذّ فِيْ مِحْنَتِهَا " .
"
تَتَمَدَّدُ فِيْهِ وَكَأَنَّ لَهَا أَذْرُعٍ أُخْطُبُوْطٌ تَحْتَوِيْ
الْأَشْيَاءِ فِيْ دَائِرَتْهَا مُهِمَّا كَانَتْ بَعِيْدَةً " .
"
حَدَجَتْهُ بِنَظْرَةٍ جُعِلْتُ مِنْ مُقْلَتَيْهَا مَوْقِدِ نَارٍ تَصْطَلِيَ
بِهَا حُرْقَةَ مَمْزُوْجَةً بِالْخُذْلَانِ " .
"
عَادَ إِلَىَ هُدُوْئِهِ وَتَذَكَّرْ " كَمْ أَنْتَ جَبَانُ وَحَقِيْرٌ ،
تَرَكْتُ الْمِسْكِيْنَةَ لِوَحْدِهَا مَعَ قَوْمٍ ذِئَابٌ يَنْهَشُونَ
عَقِيْدَتَهَا وَفَكَّرْتُ بِنَفْسِكَ ، بِتَجْرِبَةِ جَدِيْدَةً مَعَ امْرَأَةِ
أُخْرَىَ " . " سُحِبَتْ مِنْ مُقْلَتَيْهَا دَمْعَةُ مُحْرَقَةً وَهِيَ
تَتَذَكَّرُ تَفَانِيُّهَا فِيْ حُبِّهِ وذَوَبَانُهَا فِيْهِ " . "
وَجَعِيْ مُرْهَقٌ لِلْنَّفْسِ إِذْ قَطَعَ الْاتِّصَالِ عَلَيَّ مِنْ جَمِيْعِ
الْجِهَاتِ ، أَهْلِيْ حَارَبُوْنِيْ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَتْ وَكَانَ زَوْجِيٌّ
هُوَ الْسَّنَدُ وَالْحِمَايَةِ ، أَشْعُرُ بِالْضَّيَاعِ ، بِالْخَوْفِ لَيْسَتْ
لِيَ الْقُدْرَةُ عَلَىَ مُوَاجَهَةِ الْحَيَاةِ لِوَحْدِيْ ، أَشْعَرَ أَنَّنِيْ
مُشَتَّتَةٍ " .
"
الْحُبٌّ الَّذِيْ غَمَرَتْنِي بِهِ أُمِّكَ جَعَلَنِيَ دَوْمَا فِيْ حَالَةِ
نَشْوَةُ لَهَا مَذَاقَ الْجَذْوَةِ الْمُلْتَهِبَةِ " .
الْشَّخْصِيَّاتُ
فِيْ الْرِّوَايَةِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَهَا مَذَاقَ الْتَّطَوُّرِ ، تَتَنَفَّسُ
مِنْ خِلَالِهَا الْأَحْدَاثِ بِرَوّعَةٍ وَعَلَىَ سَبِيِلِ الْمِثَالِ عَلَيَاءَ
وَفِدَاءً وَجَمِيْلَةٌ ، هَذِهِ الْشَّخْصِيَّاتِ انْفِعَالِيَةٍ الْتَّطَوُّرِ
بِدَرَجَةِ كَبَيْرَةَ جَدَّا وَهَكَذَا بَقِيَّةُ الْشَّخْصِيَّاتُ .
إِنَّ
الْأُسْلُوبِ وَاضِحٌ تَفْصِيْلِيُّ لَا يَمِيْلُ إِلَىَ الْغُمُوْضْ إِلَىَ
كَوْنِهِ جَذَّابُ وَهَذَا مَا شَعَرْتُ بِهِ عِنْدَ قِرَائَتِي لَهَا حَيْثُ
أَنِّيْ أَنْهَيْتُهُا دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلَمْ أَقْوَىْ عَلَىَ تَرْكِهَا
وَلَوْ لِلَحَظَاتِ .
إِنْ
لِهَذِهِ الْرِّوَايَةِ عَلَاقَةٌ نَفْسِيَّةٌ مَعَ الْكَاتِبَةُ بِحَيْثُ أَنَّ
الْقَارِئَ يَرَىَ بِوُضُوْحٍ الْمَدَىَ الْكَبِيْرُ مِنْ هَذِهِ الْعَلَاقَةَ
فَمَنْ يَعْرِفُ " خَوْلَةَ الْقَزْوِينِيُّ " فَإِنَّهُ يَرَاهَا فِيْ
الْرِّوَايَةِ .
مِنْ
هُنَا تَتَّضِحُ الْصُّوَرَةُ فِيْ خَاتِمَةِ الْرِّوَايَةِ لِتَعَلُّقِهَا
بِالْكَاتِبَةِ بَيْنَ ثَنَايَا الْخَاتِمَةِ الَّتِيْ تُعْتَبَرُ مِنَ
الْوُجْهَةِ الْأُوْلَىْ بِنِهَايَةِ مَوْتِ الْبَطَلُ وَلَكِنَّهَا وَمِنْ
خِلَالِ طَبَعَ رِوَايَةِ فِدَاءً مِنْ قَبْلُ فُؤَادُ الَّتِيْ تَتَخَلَّلُهَا
اسْتِمْرَارِيَّةٌ الْعَطَاءِ مِنْ خِلَالِ الْرِّوَايَةِ لِذِى نَجِدُهَا
نِهَايَةْ مَفْتُوْحَةً تُفْتَحُ لِلْقَارِئِ الْمَجَالِ لِيُبْحِرَ
بِتَفْكِيْرِهِ عَمَّا سَتُفْضِي الْأَيَّامِ الْقَادِمَةِ عَلَىَ بَاقِيْ الْشَّخْصِيَّاتُ
.
انْتَهَتْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق