وفاء فتاة لها من
العمر أربعة عشرا عاما تعيش مع والدتها وأخيها بعد وفاة والدها...
جلست وفاء في غرفتها
تقرأ القرآن ودمعها يتساقط على خديها كحبات لؤلؤ داعية الله سبحانه وتعالى بأن
يعافي أمها التي ترقد في المستشفى حيث داهمتها نوبة قلبية وذلك بسبب أخيها محمد
الذي تغيرت تصرفاته بعد مجالسته أصحاب السوء بحيث لم يعر توجيهاتها ونصائحها أي
اهتمام .
وفي يوم من الأيام
كعادته خرج من المنزل ولم يعد حتى ساعة
متأخرة من الليل وكلما اتصلت به أمه على جهازه المحمول لم يجب ، انتظرته حتى عاد
في وقت متأخر, وعندما سألته عن سبب تأخره صرخ بوجهها معنفاً وذهب إلى غرفته ، خرت
الأم مغشياً عليها وتم نقلها إلى المستشفى وهي في حالة يرثى لها تشيعها دموع وفاء
منادية : أماه ماذا جرى ، أرجوك كلميني ، لا ترحلي وتتركيني وحيدة في هذه الدنيا .
هي أيام سبعة أصبح
خلالها محمد يسبح ما بين تأنيب الضمير وبين خوفه على أمه خصوصاً بعدما أصبحت هي كل
شيء بالنسبة له وذلك بعد وفاة والده .
دخلت وفاء غرفته
فوجدته يقرأ الآية الكريمة وهو ينتحب ويبكي " فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما
قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا
" .
انتابتها قشعريرة عبر
بكائه المتواصل وهو ينادي : أماه لا ترحلي ، أماه لا تتركيني أرجوك سامحيني ، أعدك
بأن أكون الولد البار الذي لا يعصي لك أمراً .
استجاب الله سبحانه
وتعالى دعائهما لتشرق الأم كشمس على دنياهما فأسرعت وفاء نحوها تحتضنها ، عانقتها
عناق مشتاق داهمه الأسى من لوعة الفراق .
واقف محمد ينظر إلى
أمه ودموعه قطرات تنحني على خده المحمر بينما عيناه الواسعتان تهفو وتهفو لاحتواء
الحنان الإلهي ، أشارت له بيديها وسط ابتسامة ملائكية تنادي عليه : يا حبيبي تعال
، أطلق قدميه كلمح البصر ليلقي بنفسه على قدميها يقبلهما سابح بدمعه ينادي : أماه
أحبك ، أرجوك سامحيني ، انحنت عليه لتضمه إلى صدرها بحنان ، تقبله ، تمسح دمعاته
بيديها وهي تنادي : يا ولدي لا تبكي ، أنت فلذة كبدي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق